بالرغم من “اكتساح السيسي”.. على حد قولهم.. يبقى حمدين صباحي بموقفه من الانتخابات “وطنيًا عظيمًا”.. رفض إعطاء الفرصة لأي متربص خارجي أو داخلي لينال من “مصر”.. شكرًا “حمدين صباحي”.. منقذ “مصر” ومنقذ “السيسي” أيضًا.. ولولاه ما وجد السيسي أي “شرعية”
لا أعرف كيف يفكر السادة مسئولو اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، ولا أجد مبررًا مقنعًا لمد التصويت لـ”يوم ثالث” بحجة إفساح المجال أمام المغتربين للمشاركة برأيهم.
وإذا قارنا بين إيجابيات القرار وسلبياته، نجد أننا في حاجة ملحة لنسف تلك اللجنة التي تصدر قرارات كارثية دون التفكير في عواقبها الوخيمة، التي أصبح الوطن لا يحتملها ولا جزءا منها.
إذا كانت اللجنة معتقدة أنها بهذا المد ستتيح الفرصة للمغتربين للسفر إلى بلادهم والمشاركة فى الانتخابات فهي “واهمة”، خاصة أن الحكومة خرجت علينا معلنة أن اليوم الأربعاء يوم عمل عادي، وليس إجازة كسابقه.
أما إذا كان السادة القضاة المسئولون عن اللجنة يعتقدون أنهم بذلك سيرفعون نسبة المشاركة في الانتخابات وبالتالي زيادة عدد المصوتين، فهي “أشد وهمًا”، لأن كل مواطن أخذ قراره “من بدري”، فمن قرر التصويت لـ”السيسي” ذهب وصوت وزغرد و”رقص كمان”، ومن قرر انتخاب “صباحي” ذهب أيضاً وأشار بالخط العريض أمام “النسر المجنح”.
أما عن المقاطعين أيًا كانت أسبابهم، فلو ذهب مسئولو اللجان بالصناديق إليهم على “أسرتهم” فلن يصوتوا أبدًا، مهما فعلت اللجنة وممثلوها “الكرام”، لأنه أيضًا يقاطع بـ”وطنية”، اتفقنا معه أم لم نتفق، ولسنا بصدد تحليل وتفنيد وتفسير وجهات نظر، فلا وقت ولا مجال لذلك.
أما عن انتشار الحديث عن “غرامة الـ500 جنيه” التي أثارها الإعلام بصورة مقيتة تثير الاشمئزاز و”القرف”، للتأثير على بسطاء هذا الشعب “المطحون” تحت وطأة الفقر والعوز، فهي أكيد ستأتي بنتائج، أيًا كان حجمها، وهي في نظري السبب الوجيه للمد بيوم ثالث، فالإعلام “يخوف” الناس و”اللجنة” تفسح لهم المجال للتصويت، لنخرج في النهاية ونقول لدينا 30 مليون صوت، واكتساح “الزعيم الجديد”.
لكن السؤال الأهم للسادة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات: ما مبرراتكم لمد التصويت؟ إذا كانت الإجابة “المغتربين”، فالإجابة “فيك خالص”، و”فيك” مصطلح شبابي ابحثوا عنه عبر الإنترنت. من طلب منكم المد؟ هل هو السيسي؟ أم هو صباحي؟ أم الشعب؟ أم “العفريت الأزرق”، صاحب كل الكوارث؟
يا سادة ماذا عن رفض صباحي والسيسي لكارثة “اليوم الثالث”؟ ماذا عن الاتهامات بالتزوير وتسويد البطاقات التي ستنهال عليكم بمجرد إعلان النتيجة، أيًا كانت، وأيا كان الفائز، حتى ولو كانت سليمة نزيهة حرة شفافة ؟
ماذا عن رأي المراقبين الأجانب، الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، والبعثة الدولية؟ وطبعًا بـ”غبائكم الفذ” تعطون الفرصة لكل متربص على صبق من “ذهب” وليس من “فضة”.
السؤال الأهم: ماذا لو انسحب “صباحي”؟ خاصة أنه أصبح لديه من الأسباب من يجعله يقدم على ذلك، وبالفعل انسحب جميع مندوبيه من اللجان، غير أن حمدين رفض أن يكون ذريعة يتخذها الإخوان ومن خلفهم أمريكا وقطر وتركيا للضغط على مصر.. دعك من كل هذا: كيف أثق أنا وغيري في النتيجة أيًا كانت بعد هذا العبث اللا متناهي؟
وطبعاً المتربصون حاولوا اقتحام اللجان الخالية اليوم، لأنها أصبحت هدفاً سهل استهدافه، وعلى رأسها ما حدث فى مسقط رأس الرئيس السابق محمد مرسي بقرية العداوة في محافظة الشرقية، بالإضافة إلى محاولة اقتحام لجان في “ميت غمر”، غير الهجوم على محطة كهرباء الكريمات وقطع الكهرباء عن شرق القاهرة والبساتين.
يا سادة نحن في حاجة لمسئولين يفكرون “خارج الصندوق” يمتلكون شيئًا من الإبداع والقدرة على التعامل مع الأحداث على أرض الواقع.. لقد سئمنا ذاك التفكير “العقيق”.. تفكير نظام مبارك ونظام مرسي وتنظيم الإخوان.
الجمعة الموافق الحادي والعشرون من شهر فبراير لعام 2014.. لابد أن يحفر ذلك التاريخ فى ذاكرة كل امرأة مصرية، وفى ذاكرة كل المهتمين بشأن المرأة وتمكينها سياسيًا وغير سياسي، حيث شهد ذلك اليوم تسجيل إنجاز نسائي جديد وفريد من نوعه، وهو فوز المصرية هالة شكر الله برئاسة حزب الدستور، لتكون بذلك أول امرأة تتولى حزبًا سياسيًا فى مصر.. والأجدر فى هذا الإنجاز، أن شكر الله، بالإضافة إلى كونها “أنثى ومصرية”، فهى أيضًا “مسيحية”.
خاضت شكر الله منافسة شرسة لتفوز بهذا المنصب السياسى.. حيث كانت تنافس أيضًا علمًا نسائيًا جديرًا بالاحترام، وهى الإعلامية والسياسية جميلة إسماعيل صاحبة الباع الطويل فى العمل السياسى والخبيرة بدهاليزه المتشعبة.. خاضت شكر الله التجربة معتمدة على صيتها وسمعتها داخل الحزب، بالإضافة إلى سمعة طيبة اكتسبتها من عمل أفراد أسرتها بالسياسة.. وبالفعل نجحت وحققت هدفها وربحت الرهان الصعب بالرغم من كثرة المتوقعين لها بالفشل.
أمس الجمعة فازت شكر الله “يسارية التوجه”، والبالغة من العمر “60 عامًا”، برئاسة حزب الدستور ذى التوجه الليبرالي، الذي كان يشغل رئاسته الدكتور محمد البرادعى قبل أن يعتزل العمل السياسى بواقع 107 أصوات لصالح قائمتها “فكرة توحدنا”، مقابل 57 صوتًا لقائمة “البقاء لمن يبنى” لجميلة إسماعيل، و23 صوتًا لقائمة “جيل يرسم ابتسامة وطن” للدكتور حسام عبد الغفار، وصوتين باطلين.
“الدستور طالع طالع للمزارع والمصانع”.. كان أول هتاف لـ”شكر الله” بعد فوزها، وشددت على أن أولى أولوياتها إعادة ترتيب الحزب وهيكلته، وأكدت أن توجه الحزب ديمقراطي مدني يعمل من أجل العدالة الاجتماعية.
شكر الله حاصلة على الماجستير والدكتوراه من معهد الدراسات التنموية فى جامعة ساسكس البريطانية.. وأسست عام 1979 مركز دعم التنمية والاستشارات، وشاركت فى إقامة عدد من منظمات المجتمع المدنى، منها رابطة “مصريون ضد التمييز”.
مبروك إضافة حلقة جديدة فى سلسلة العمل النسائي المصرى.. مبروك هالة شكر الله.
– كان لزاماً أن تنص التعديلات الدستورية على استخدام “اللغة الفصحى” فى المدارس والجامعات.. وعدم توحيد النظام التعليمى جريمة قتل لـ”صاحبة الضاد”
“التعليم”.. بكل تأكيد هو طريقنا إلى التقدم والتطور، وبدونه وبدون الاهتمام به فنحن نحرث فى البحر، ولا جدوى لكل ما نصنع من ثورات ومسارات ديمقراطية بدونه، والتاريخ نفسه يقر ذلك، فمحمد على ما نجح إلا بالاهتمام بالتعليم، حيث عمل على إنشاء المدارس وإرسال البعثات التعليمية إلى الخارج وغير ذلك، وفى الحقيقة اهتم الدستور الجديد، بقضية التعليم أكثر من أى دستور سابق، وذلك فى سبع مواد متتالية، تبدأ بالمادة 19 وتنتهى بالمادة 25، حيث نص على أن التعليم حق لكل مواطن.
كما نص الدستور على أن التعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، والجديد هنا تخصيص نسبة محددة، ولو كانت ضئيلة، من الناتج القومى لقضية التعليم، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.
كما ألزم الدستور الجديد الدولة بتشجيع التعليم الفنى والتقنى والتدريب المهنى وتطويره، والتوسع فى أنواعه كافة، وفقًا لمعايير الجودة العالمية، وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل.. وفى الحقيقة نحن فى حاجة ماسة إلى أن يترجم هذا النص إلى واقع، فالتعليم الفنى بأنواعه أصبح فى حالة مزرية جداً، وأصبح عبارة عن ورقة محبرة يطلق عليها زوراً “شهادة”، ولابد أن يقوم التعليم الفنى بمهامه الأساسية الحقييقة، التى تأسس من أجلها، وهى تخريج أفراد يناسبون سوق العمل، لا خريجين لا يفقهون شيئاً فى أى شىء، خاصة فى ظل التطور التكنولوجى الرهيب فى عصرنا هذا.. حقاً إنها قضية خطيرة لابد من العمل عليها بقوة.. فالتعليم الفنى أساس التقدم الصناعى..
ومن مشاكل التعليم الفنى، كما يعرضها بعض المتخصصين، قلة الإقبال على المدارس والمعاهد الثانوية الفنية، حيث يتجه الطلاب إلى التعليم الثانوى العام، ومعظم الملتحقين به هم من الطلاب المتدنية معدلاتهم، مما يؤدى إلى ضعف مستوى الخريج، وكذلك النظرة المتدنية للتعليم الفنى والتدريب المهنى من جانب الطلاب وأولياء الأمور والمجتمع بشكل عام، وأيضاً عدم توافق مناهج هذا النوع من التعليم مع متطلبات سوق العمل، والافتقار إلى وجود المعلم المؤهل الكفء، وضعف القدرة الاستيعابية للكليات التقنية، ومحدودية القبول بالجامعات، وضعف التكوين الثقافى لخريج هذا النوع من التعليم، مما يحد من التعامل مع التقنية، وضعف التكامل بين الجانب النظرى والجانب العملى.
وكذلك تعدد تبعية مؤسسات التعليم والتدريب لجهات مختلفة، لكل منها سياستها ونُظمها وأهدافها موجهة أساساً للعرض والكم فقط، والاختلاف الكبير بين مستويات الخريجين ــ حتى فى النظام الواحد ــ وبين المستوى الحقيقى للشهادة الممنوحة، والبيروقراطية والمركزية المفرطة التى لا تسمح بأى مواجهة للاحتياجات المحلية أو لبرامج تأهيل ورفع مستوى كوادرها المحلية، وقصور المعلومات الحقيقية عن احتياجات سوق العمل لضعف أسلوب الاستقصاء ولعدم مصداقيتها وضعف مشاركة القطاع الخاص، وتواضع التمويل المتاح ــ الحكومى والخاص ــ لتطوير مؤسسات التعليم الفنى والتدريب والمهنى الحكومية لكافة الأغراض أو لأنشطة تدريب ورفع مهارة العاملين بالشركات، وعدم وجود مسارات أفقية أو رأسية للاتصال بين نُظم التعليم والتدريب تسمح بالدخول والخروج منه وِفق قدرات الأفراد وإمكاناتهم وظروفهم.
كما كلف الدستور الدولة بتوفير استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية، وتوفير التعليم الجامعى وفقاً لمعايير الجودة العالمية، والعمل على تطوير التعليم الجامعى وتكفل مجانيته فى جامعات الدولة ومعاهدها، وألزمها بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم الجامعى لا تقل عن 2% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجاً حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وكذلك نص على تشجيع للدولة على إنشاء الجامعات الأهلية التى لا تستهدف الربح، وألزمها بضمان جودة التعليم فى الجامعات الخاصة والأهلية والتزامها بمعايير الجودة العالمية، وإعداد كودارها من أعضاء هيئات التدريس والباحثين، وتخصيص نسبة كافية من عوائدها لتطوير العملية التعليمية والبحثية.
أما عن الركيزة الأساسية فى العملية التعليمة برمتها، وهم المعلمون وأعضاء هيئة التدريس ومعاونوهم، فكلف الدستور الدولة بتنمية كفاءاتهم العلمية، ومهاراتهم المهنية، ورعاية حقوقهم المادية والأدبية، بما يضمن جودة التعليم وتحقيق أهدافه.. وهذا بكل تأكيد يحسب للدستور، فالمعلم هو أساس التعليم، ولذلك على الدولة توفير كل الإمكانات والماديات التى تكفل إنتاج معلم ناجح، وعلى رأس ذلك تنمية كفاءته العلمية ومهاراته المهنية بتوفير التدريب الجيد والدورات اللازمة لإلمامه بكل جديد، على أن تكون بصفة شبه دورية، بالإضافة إلى توفير كل التقنيات الحديثة التى تساعده على تأدية عمله بمهارة عالية، مما يساعد على تخريج طالب فاهمٍ واعٍ ملمٍ بكل شىء، لا طالب مثل سلة المهملات، يملأ رأسه بالمعلومات عن طريق التلقين والحفظ ثم يفرغها فى ورقة الإجابة ويعود صفر اليدين.
أما النقطة الثانية والأهم هى توفير كل ما يلزم المعلم من ماديات، وأن تكفل الدولة راتباً محترماً له، يكفيه ويكفى أسرته، حتى لا يضطر لممارسة الدروس الخصوصية ليستطيع توفير احتياجاته وأسرته، وعندما تكفل الدولة دخلاً مناسباً للمعلم حقَّ لها محاسبته عند الإهمال فى واجباته تجاه الطلاب، سواء بالتكاسل عن العمل أو الاستهتار بأبنائنا، أو اللجوء للدروس الخصوصية.
ولأن البحث العلمى من أهم الخطوات لتقدم أى مجتمع بعد الاهتمام بالتعليم نفسه، فنص الدستور على حريته البحث العلمى وتشجيع مؤسساته وكلف الدولة بذلك، باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية، وبناء اقتصاد المعرفة، كما كلف الدولة برعاية الباحثين والمخترعين، وخصص لذلك نسبة من الإنفاق الحكومى لا تقل عن 1% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، كما نص على أن تكفل الدولة سبل المساهمة الفعالة للقطاعين الخاص والأهلى وإسهام المصريين فى الخارج فى نهضة البحث العلمى.
ونص الدستور أيضاً على أن اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ الوطنى بكل مراحله مواد أساسية فى التعليم قبل الجامعى الحكومى والخاص، وتعمل الجامعات على تدريس حقوق الإنسان والقيم والأخلاق المهنية للتخصصات العلمية المختلفة، وألزم الدولة بوضع خطة شاملة للقضاء على الأمية الهجائية والرقمية بين المواطنين فى جميع الأعمار، وبوضع آليات تنفيذها بمشاركة مؤسسات المجتمع المدنى، وذلك وفق خطة زمنية محددة.
لكن..
الدستور تناول قضية اللغة العربية بصورة عامة جداً ولم يتوقف عندها بما تستحق، حيث قال “اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ الوطنى بكل مراحله مواد أساسية فى التعليم قبل الجامعى الحكومى والخاص”، وفى نظرى هذا غير كافٍ، وكنا فى حاجة إلى النص على استخدام اللغة العربية الفصحى فى المدارس والجامعات، وعدم الإكثار من اللجهات العامية، وكنت أتمنى أن ينص الدستور على عودة اللغة العربية السليمة إلى الشارع المصرى وإلى واجهات المتاجر وإلى الحديث اليومى، إلى برامج التليفزيون التى تغزو بيوتنا ليل نهار، حتى يتعلم أبناؤنا اللغة الصحيحة، فالاستهتار باللغة واقتصارها على المساجد ومنابر الوعظ والإرشاد والتوجيه الدينى، وبعض الكليات الشرعية، وبعدها عن التداول اليومى سيعمل على اختفائها فى ثنايا لهجات محلية مطعمة بالكثير من المفردات الأجنبية، وهو ما يحدث الآن بالفعل.. علينا الاهتمام بلغتنا العربية باعتبارها لغة وطنية قومية، ولا مانع من تعلم اللغات الأخرى بجوارها، لكن لابد أن تكون هى الأساس فى كل شىء، حتى لا تتحول من محورية إلى ثانوية.
واللغة العربية لم تتقهقر أمام أى لغة من قبل، حتى عند احتكتاكها باليونانيين والفرس والأوروبيين وغيرهم، ومهمتنا الصعبة الآن هى أن نجعل اللغة الفصيحة حية فى أفواه شعوبنا، ولو نجنا فى ذلك فسنكون حققنا إنجازاً تاريخياً، ولابد أن تكون لدينا رغبة حقيقية فى اللغة العربية حفظاً لكياننا وقوميتنا.. ولابد أن يكون التطور السياسى باعثاً على رفع منار اللغة العربية وتجديد نهضتها.
أما النقطة الثانية التى لم يتداركها الدستور، فى نظرى، هى عدم النص على توحيد النظام التعليمى، على الأقل فى المراحل قبل الجامعية، لأن تعدد النظم التعليمية فى نظرى ضربة قاضية للتعليم العربى عموماً، والمصرى خاصة، فضلاً عن أنه بمثابة جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد للغة العربية، وهنا نتساءل: ماذا ننتظر من طلاب يتعلمون الإنجليزية والفرنسية وغيرهما قبل أن يعرفوا شيئا عن لغتهم الأصلية المتمثلة فى اللغة العربية؟، ماذا ننتظر من طلاب يتعلمون تاريخ الغرب قبل تاريخهم؟.. يا سادة عليكم بتوحيد نظام التعليم والعمل على إلغاء المدارس الأجنبية فى العالم العربى.. ولنا أن نتساءل: أين الجامعات العربية فى البلاد الغربية؟
ماذا ننتظر من بلد يُغتصب فيه “الأيتام”؟ وماذا ننتظر من بلد يهان فيه الأطفال بإجبارهم على حمل الأحذية فوق رؤوسهم؟ ماذا ننتظر من بلد يجبر أبناؤه على الخوض فى مهاترات سياسية لا علاقة لهم بها؟ ماذا ننتظر من بلد لا يعامل أطفاله كآدميين؟
ماذا ننتظر من بلد مسئوليه ونخبته تطبل ليل نهار للدستور والسيسى فى العالم الافتراضى وأطفاله يتم انتهاكهم والتحرش بهم واغتصابهم على أرض الواقع؟.. ماذا ننتظر من بلد يترك أطفاله فريسة للشوارع والجوع والفقر والأمية والجهل وسوء التعليم والتربية وسوء الصحة؟.. ماذا تتخيلون مستقبل بلد لا يهتم بالعنصر الرئيسى فى بناء الأمم؟ ماذا تتخيلون مستقبل بلد كهذا؟
جاءت واقعة اغتصاب مشرف دار أيتام بمحافظة الشرقية للأطفال القاطنين الدار لتلقى الضوء من جديد على مدى الكارثة التى نعيشها.. وتلفت نظرنا إلى النقطة الحقيقة للبداية الصحيحة، إذا أردنا فعلاً تقدماً وبناء مستقبل حقيقى لمصر والمصريين.
لن أخوض كثيراً فى تفاصيل واقعة مشرف دار “مكة” للأيتام بمدينة العاشر من رمضان بالشرقية، وأنه أكد اعتداءه على 3 أطفال وليس 8، وتمنيه أن يسامحه ضحاياه، واعترافه بخطئه وأنه فعل ذلك غصب عنه – وإن كنت لا أفهم كيف فعل ذلك غصب عنه – واعترافه على مشرف آخر يعذب الأطفال بمياه ساخنة.
لكن أتساءل من جديد:
– أين وزارة التضامن الاجتماعى ودورها الحقيقى؟.. بعد كل كارثة نسمع بعض التصريحات النارية للمسئولين عنها ثم تختفى لنستيقظ على كارثة جديدة وهكذا.. لابد أن يعاقب كل من يخطئ فى حق أى طفل، سواء كان يتيماً أو غير يتيم.
– أين مديرية الشئون الاجتماعية بالمحافظة (الشرقية)، وماذا فعلت بعد وقوع المصيبة، طبعاً سيقول المسئولون عنها إنه سيتم فتح تحقيق عاجل بشأن الدار، وأنه ستتم مخاطبة إدارة الشئون الاجتماعية للتحقيق فى هذه الواقعة، ثم يختفون لحين ظهور كارثة جديدة.
– أين المجلس القومى للطفولة والأمومة ودوره فى حماية الأطفال؟ طبعاً سيخرج ليستنكر ويشجب ويدين ثم يختفى مرة أخرى..
نحن فى أمس الحاجة للحفاظ على أطفالنا فهم عماد المستقبل..
نحن فى أمس الحاجة لأن تكون لدينا مؤسسات حقيقية تعرف دورها الحقيقى..
جاء على لسان بطلة فيلم “الراقصة والسياسى” نبيلة عبيد للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، أن الفرق بين الاثنين أن الأولى “بتهز وسطها” أما الثانى فـ”بيهز لسانه”، لكن تطور الأمر سريعاً، كعادة معظم أمور المصريين بعد الثورة، فأصبح كل منهما يلعب الدورين معاً، واقتحمت الراقصة عالم السياسة بقوة، مستخدمة كل مواهبها الفذة بمنتهى الوقاحة، تحت ستار “الإعلام الكوميدى الساخر”..
وأصبح الإعلامى يتراقص كأنه فنانة استعراضية، للتحايل على المشاهدين، لتوصيل وجهة نظر ربما لا يعرف هو عنها شيئاً، لكنه يتقاضى أجره من ذلك التلاعب بعقول المصريين وأقدار البشر، وليس كل الإعلاميين كذلك.
سما المصرى “راقصة” ظهرت على سطح الأحداث مؤخراً بقوة بدءاً من شائعة زواجها من نائب النور السابق أنور البلكيمى، مروراً بانتقادها لسياسة الإخوان بفيديوهاتها “الساخنة”، ثم انتقادها للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل بأغنيتها “يا حلاوتك يا واد يا بن الأمريكانية”، وانتهاء بقناة “فلول” التى تسخر فيها ليل نهار من الإخوان وبعض الرموز السياسية مثل الدكتور محمد البرادعى، لهذه الدرجة من “الوقاحة” تسخر “الرقاصة” من “الدكتور”.
سما المصرى وقناتها “فلول” وبغض النظر عن كونها بوابة كبيرة لمرور رجال الحزب الوطنى المنحل للعودة للحياة السياسة التى أفسدوها على مدار 30 عاماً، وبغض النظر أيضاً عمن يمولها ويقف وراءها وما أهدافهم ، إلا أنه لابد أن تكون هناك وقفة من المسئولين والقائمين على إدارة البلادة مع هذه القناة بسبب كمية الإباحيات التى تدخلها بيوت المصريين.. وما يؤدى إليه من إفساد المجتمع، والخروج على عاداته وتقاليده.
أول من ساند سما المصرى كان الإعلامى “العظيم المفوه” توفيق عكاشة مالك فضائية الفراعين، فهو أول من رحب بعرض برنامج لها والوقوف بجانبها حتى يخرج “فنها الراقى” للنور، وأن تصل “وجهة نظرها السديدة” إلى كل مصرى وداخل كل بيت، ويرى أنها ستحقق نسبة مشاهدة عالية بسبب حالة الاستياء العام بين أفراد الشعب المصرى من ممارسات الإخوان، وأنها تملك الكثير من المواهب.. ومن جهة المواهب فكلها مواهب.
العلاقة بين توفيق عكاشة وسما المصرى أكبر دليل على تطور العلاقة بين الإعلامى والراقصة وتداخلها، خاصة أن الإعلام أصبح بعد الثورة يتحمل أى شىء، ويمكنك إن كنت صاحب قناة فضائية أو صديقاً مقرباً لأحد ممتلكيها، أو تجيد النفاق والرياء، أن تجد مكانة فى تلك الصناعة الواسعة التى أصبح معظمها بلا قيم أو أخلاق أو معايير مهنية، أيا كانت مؤهلاتك أو إمكانياتك.
أكبر تأثير لثورة ثورة 25 يناير أنها أخرجت أسوأ ما فى المصريين، فلم نكتفِ بالسخرية المباحة فى التعليق على الأحداث المتتالية والسريعة، لكن شطح كثير منا إلى أسلوب ليس له علاقة لا بالنقد ولا السخرية، لكن يندرج بلا نقاش تحت باب “قلة الأدب”.
وأصبح “تشويه الآخر” العنصر الأكثر فاعلية فى النيل من الخصوم، فالخصم يصف غريمه بأقذع الصفات، وأبشع الكلمات، وكل فصيل يبتكر فى النيل من الفصائل الأخرى، لدرجة وصلت إلى “الكفر” و”الإلحاد”.. والثورة من ذلك براء.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعى وعلى رأسها “فيس بوك” و”تويتر” بمثابة الأرض الخصبة لتلك الحرب “الوقحة”، مع كامل احترامنا دورها الفاعل فى الثورة، بل كانت السبب الأول فى نجاحها، (دا لو كانت نجحت) لأننى أتشكك فى ذلك، لأنها قامت من أجل الفقراء الذين ما زالوا يرزخون تحت وطأة العوز والذل.. فعلاً إنه الإعلام الراقص.
الفرق بينا وبين المنافقين اللى بيطبلوا للسيسى ليل نهار وكأنه إله.. أننا نبكى جميع الدم أيا كان صاحبه ونعلم أن الله تعالى حرمه حتى الكافر لم يبح دمه.. ولن نرضى بأن نفقد إنسانيتنا مثلهم.. بالإضافة إلى أننا نرى عيوب الإدارة العاجزة الفاشلة التى تعجز عن حماية نفسها فكيف ستحمى بلدا .. أما أنتم فمنافقون فقط لا غير.. وترونهم إلا أبطالا فاتحين وما هم كذلك.. ولا تمتلكون غير النفاق.. والمتاجرة بدماء الشهداء لا فرق بينكم وبين الإخوان.. المجد للشهداء.. والذل والعار للمنافقين الذين لا يستطيعون قول كلمة حق واحدة
سؤال للناصريين أصدقائى.. هو السيسى ده يبقى ربكم الأعلى اللى مش ينفع حد ينتقده؟ هو السيسى كشخص مسئول مينفعش لما يغلط أعارضه؟ وهو السيسى مش نائب رئيس الوزراء لشئون الأمن ومن المفترض يكون مسئول عن كل اللى بيحصل؟ هو السيسى منزه عن الخطأ والنقد؟.. طيب السؤال القديم.. أنتوا أصلاً بأمارة إيه حاسبينه على الناصريين؟.. طيب حد فيكوا قرأ “عودة الوعى” لتوفيق الحكيم؟؟
طيب “الناصريين” اللى عاملين فيها أصحاب الثورة.. شوفتوا صور مبارك فى ميدان التحرير أثناء الاحتفالات بالذكرى الثالثة؟ .. طيب شوفتوا كل اللى قالوا عليها “نكسة” وهما بيحتفلوا فى “الميدان” برضو؟.. طيب حد فيكوا شاف صورة لشهيد توحد ربنا فى الميدان؟.. طيب شوفتوا الإدارة المحترمة وهى بتقتل فى الشباب فى طلعت حرب ولا كنتوا بتغنوا تسلم الأيادى؟ طيب هو دم الضباط والجنود بس اللى معترفين بيه؟ طيب دم باقى الشباب اللى راح من 25 يناير لحد النهارده؟ طيب أهداف الثورة حضرتك ممكن تقولى اتحقق منها إيه؟ طيب إيه موقفك من الإعلام اللى بيشوف الرقص فى التحرير ومشفش ولا سمع صوت الشباب اللى مات فى طلعت حرب (بالمناسبة هما مش إخوان)؟؟ طيب حضرتك سمعت عن اعتقالات الصحفيين وغيرهم.. طيب سؤال أخير.. حضرتك منافق ليه؟ ومنافق لمين؟ ومقابل إيه؟.. بالمناسبة لو كلامى مش عاجبك ممكن تسيب الصفحة وفى ألف سلامة (من باب الإقصاء اللى حضرتك بتشجعه)..
إلى كل المهتمين بتنمية المرأة.. ورقة بحثية مهداة من الصحفى على خليل – جريدة اليوم السابع
تمهيد
فى المجتمعات العربية عامة، ومجتمعنا المصرى خاصة.. المرأة هى محور الأزمة، كما أنها محور الحل.. فكثير من الأحيان تلعب دور البطولة فى حل الأزمات، وفى أحيان أخرى كثيرة تلعب الدور نفسه فى صنعها.. ويبدو وبشكل عام أن الإعلام المصرى ما زال فى طور تحريك الغرائز والمشاعر والعواطف، ولم يصل بالفعل إلى مرحلة تقديم خدمة حقيقية لقضايا المرأة ومتطلباتها، أما القنوات الفضائية التى تبث الأغانى الحديثة، فالملاحظ أن فيها الكثير من المشاهد المثيرة والإغرائية، وإلى حد لا بأس به من الإباحية الجنسية.
واللافت للنظر أن المرأة هى الشخص المستخدم لإبراز هذه المشاهد وغزو الشاشة الصغيرة بكل ما لا يمت بصلة إلى القيم الروحية والاجتماعية للمجتمع، والسؤال المطروح هو إلى أى مدى يعد الإعلام حريصًا على القيم الأصيلة للإنسان والإنسانية؟ وإلى أى مدى هو مهتم بعرض الواقع وعدم الإفراط فى تقليد واقتباس الآخرين دون التمييز بين ما يناسب وما لا يناسب المجتمع؟ وإلى أى مدى مسموح استخدام المرأة كسلعة دون إبراز قيمتها الإنسانية؟
من الواضح، أنه حتى لو كان هناك إعلام بارز عن قضايا المرأة فى العالم المصرى، الذى يتحدث عن “الفقر – الأمية – العمل – الطلاق – التمييز الجنسى أو العلاقات الحميمة، التى يصدر فكرة كون المرأة هى سبب فشلها أو نجاحها بمفردها دونما أية مسئولية للرجل… إلخ)، إلا أن تطبيق ذلك على أرض الواقع يختلف، فالمرأة تظهر فى الإعلام، فى غالب الأحيان، على شكل النجمة أو الفنانة أو المطربة أو الممثلة أو الراقصة أو المذيعة، وقليلاً جداً ما نراها الشاعرة والباحثة والكاتبة والمفكرة، ربما هى كذلك من وراء الستار، لكنها لا تظهر كثيرًا على الشاشة.
وفى الفترة الأخيرة كثر الحديث عن المرأة، ودورها السياسى، واستغلال ما يمر به الوطن من سيناريوهات لتصدير فكرة مفادها أن المرأة هى البطل الحقيقى فى نجاح التجربة السياسية بطريقة أو بأخرى، خاصة بعد تجربة الدستور والاستفتاء عليه، ومن الملاحظ نسبة المشاركة الكبيرة من جانب المرأة مقارنة بانحسارها فى الشباب إلى حد بعيد.. وهذا يؤكد أن الحشد، واستمرار الرسالة الإعلامية المطالبة للمرأة بالنزول فى مثل هذا اليوم أحدثت تغييرًا كبيرًا فى نسب مشاركة الإناث على مستوى الجمهورية، وهو ما يؤكد أهمية الإعلام فى خلق واقع وتشكيله، وكذلك تشكيل الرأي العام، كما هو متبع، واستخدام المرأة كورقة رابحة تساعد فى ترجيح إحدى الكفات عن الأخرى.
ومن هذا المنطلق لابد أن يدعم الإعلام المصرى صورة المرأة الجديدة ويخرجها من بوتقة النظرة المتأصلة لها، وهى أنها أرض فقط للإنجاب، وإدارة البيت دونما أى دور آخر.. ويجب الاستفادة من التجربة التى ظهرت بها المرأة بشكل مشرف للتخديم على مرحلة جديدة فى حياتها وتحقيق مكتسبات فشلت فى تحقيقها على مدى السنوات الماضية، وإن حاول البعض ظاهريًا رسم معانى مخالفة للواقع بأن المرأة تحصل على حقوقها بالكامل، وهو ما يخالف الحقيقة.
توصيف عام لـ”المرأة فى الإعلام”
– «التخلف» ما زال جاثمًا على صدر هذه الأمة، والمهمة التى تنتظرنا كإعلاميين ومجتمع مدنى كى نصل إلى تلك العقول، ومحاولة إقناعها بتغيير تلك العادات والتقاليد البالية، صعبة جدًا.
– مساعدة المرأة المصرية فى الحصول على حقوقها قضية خطيرة تحتاج تضافر جميع الجهود.. بداية من الفرد نفسه، مرورًا بمؤسسات الدولة، وانتهاء بمنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والإعلام بشتى أنواعه.
– البرامج الإعلامية الخاصة بالمرأة تستحوذ على حيز كبير من شاشات الفضائيات، ما بين برامج موضة وجمال وفاشون وتعليم فنون الطبخ والصحة «عقم وإنجاب»، ما جعلها كائنًا استهلاكيًا فقط، والهدف من وراء كل تلك البرامج هو تحقيق الربح والشهرة.. وهناك أيضًا البرامج التى تبرز العنف ضد المرأة وتبلوره فقط فى صورة الضرب المبرح أو العنف الجنسى، وتتم مناقشة الموضوع برمته فى حلقة أو حلقتين، دون محاولة الوصول لحلول للقضية المطروحة، والهدف الأول والأخير من كل تلك المشاهد هو تحقيق الإثارة فقط، وبرامج النصائح الجنسية للمرأة، وكيف تتعامل مثلاً مع زوجها فى الفراش لتتحول بذلك لمجرد بوتقة يفرغ فيها الرجل طاقاته الجنسية، «سى السيد وأمينة» والبرامج التى تحاول علاج التحرش، تروج للظاهرة أكثر مما تعالجها، وكذلك تنقل مشاهد التحرش «بالصوت والصورة» ما يروج للفكرة ولا يعالجها.
– معظم الأفلام تستخدم المرأة كمادة للمتعة والجنس والتربح، فهى الراقصة، والسكرتيرة اللعوب، أو الخادمة التى تبيع نفسها، أو فتاة الليل الساقطة، وغيرها وغيرها.. وتتجاهل النماذج النسائية المشرفة التى كان لها باع كبير فى التنمية والسياسة وغيرهما.. والخلاصة فى كل تلك البرامج والأفلام هو تحقيق الربح عن طريق الإثارة أو المشاهد المبكية أو المحركة للغرائز، وبالتالى نسبة إعلانات أكثر، وبدورها تأخذ مساحة أكثر من المشكلة ذاتها.. وفى الإعلانات نرى المرأة هى التى تروج لكل شىء، بداية من السيارات وإطارات الكاتشوك، مرورًا بالسلع الاستهلاكية والمنتجات الصناعية والزراعية، انتهاءً بمنتجات الموضة والأزياء وأدوات التجميل، وتناسى الإعلام دور المرأة الفعلي فى التنمية المجتمعة.. “أفلام السبكى نموذجًا”.
– قضية عدم التمكين لا تقتصر على المرأة، فالرجل أيضًا لا يمكن فى كثير من الأحيان، وهذا بسبب ما نعانيه اقتصاديًا وما يترتب عليه من إهمال صحى وتعليمى، واجتماعيًا بسبب القوانين الاجتماعية، التى يجب ألا يحيد أحد عنها، وهى تلك المتمثلة فى العادات والتقاليد، وكلما ارتقى المستوى الاجتماعى ظهرت النماذج النسائية القيادية الواعية، مثل القاهرة والإسكندرية والمنصورة، وإن كان من المنتظر ظهور نماذج أكثر عدادًا وفكرًا بتلك الأماكن الممكنة إلى حد كبير.
محاولة للحل
– أولاً لابد من التمكين الاقتصادى، ثم التمكين العلمى، وهذا يتأثر بسابقه الاقتصادى، ثم التمكين الاجتماعى، وهذه قضية شائكة للغاية، بسبب العادات والتقاليد المجتمعية الرجعية التى ترى أن المرأة أرض للإنجاب فقط، وأما محافظات الصعيد فـ«كوم تانى»، فبالرغم من أن المرأة هناك «عمود كل بيت» فإنها فى النهاية مهمشة وراء فكرة المجتمع الذكورى، ولا تجرؤ حتى على المطالبة بحقها.
– المجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للأمومة والطفولة، والإعلام القومى، وجمعيات ومنظمات المجتمع المدنى، جميعها جهات لابد أن تقوم بدور ملموس وحقيقى، وعليها تنحية مبدأ «السبوبة» جانبًا، ويكفيك أن تعرف أن لدينا 33 ألف جمعية أهلية، ومن حقك أن تتساءل: أين مردود هذا الرقم الهائل على أرض الواقع؟
– ولابد أن يكون العمل من أرض الواقع، حيث القرى والنجوع والأرياف من أقصى مصر إلى أقصاها.. لابد أن نعمل جميعًا على تحسين دخل الفقراء ومحدودي الدخل، فلا تمكين للمرأة ولا للرجل إلا بعد التمكين الاقتصادى، والتمكين التعليمى والتمكين الصحى والاجتماعى وإلى آخره.
– مؤسسات الدولة ودورها التوعوى الحقيقى، بعيدًا عن الإعلانات والعمل من أبراج عاجية؟ أين منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية الحقيقية التى تعمل من أجل المواطن لا من أجل الدعم الذى يوزع على مجلس الإدارة؟ أين الإعلام الهادف الحقيقى لا الذى يسعى للتربح على حساب الغلابة؟
مقترحات وتوصيات:
1 – مخاطبة جهات الإعلام الحكومى والخاص لتشكيل رسائل إعلامية تخاطب عقل المرأة وكينونتها وتساعد فى تغيير الصورة الذهنية المتأصلة عنها.
2 – الاهتمام بالإعلام المرئى نظراً لقدرته على الوصول لطبقات كثيرة، خاصة الأمية منها.
3 – محاولة الوصول لصيغة توافقية بين أطراف المجتمع المدنى المصرى لدعم المرأة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، خاصة فى ظل تدشين وزارة الإعلام لحملة “نساء من أجل نساء” لترشيح 100 سيدة فى الانتخابات البرلمانية القادمة.
4 – مخاطبة وزارة الإعلام متمثلة فى الإعلام الوطنى بقنواته المختلفة لإنتاج برامج توعوية وتثقيفية بشكل مغاير لما هو متعارف عليه من أشكال نمطية تخص برامج المرأة مثل برامج “الطبخ والموضة وبرامج الثقافة الجنسية”.. والبعد عن الشكل النمطى الذى يبلور المرأة كمجرد جسد.
5 – تشكيل قوافل بشرية تجوب النجوع والكفور لمساندة المرأة فى هذه الأماكن ومعرفة ما تعانيه للوصول لحل متكامل عن مشكلات متعددة لفئات مهمشة.
6 – التعرف على نماذج لسيدات خارج الأضواء وتسليط الضوء عليها وعرضها فى الإعلام الوطنى أو الخاص.
7 – محاولة وضع قواعد معينة لتربية النشء وإعادة النظر فى المناهج التعليمية، بداية من التعليم الأساسى، والكف عن تلك الأناشيد أو القصص أو الحواديت التى تصور فيها المرأة كتابع للرجل، لتشكيل عقول نشء يفهم ويعى قيمة المرأة.
8 – العمل على تكوين صورة ذهنية فى الإعلام تجعل المرأة مؤثرة فى كل نواحى الحياة وليس السياسية فقط من خلال المسلسلات والسينما والمسرح وكل وسائل الثقافة الجماهيرية، خاصة السينما المستقلة والتى أظهرت بعض النماذج النسوية المعبرة فى الفترة الأخيرة.
9 – تشكيل صندوق لتمويل بعض المشروعات الخاصة بالمرأة لدعم المرأة ومساندتها فى كل المجالات، ودعم ترشيحها فى الانتخابات بكل صورها.. بمخاطبة صناع القرار أو رجال الإعلام الوطنيين.
10 – تشكيل صندوق لدعم المرأة إبداعيًا، سواء السينما أو الأدب أو الفن التشكيلى
11 – العمل على تفعيل مواد المرأة فى الدستور والعمل على صياغة قانون بالحد الأدنى لمعاش المرأة المعيلة يساوى مرتب العاملين فى الدولة، وقانون لرعايتها راعية كاملة.
12 – توفير فرص عمل صغيرة للمرأة فى الريف، وإعادة تقديم برامج الحرف الصغيرة، التى تساعد المرأة على توفير نفقاتها ورعاية الدولة لها عن طريق شراء المنتجات.
13 – النص على عدد من الوظائف فى الدولة لخريجات الجامعات لدعم مشاركة المرأة فى العمل.
14 – نشر وتوعية الأسر، خاصة فى الريف، بمخاطر الزواج المبكر، واختصار نفقات الزواج للمساعدة على تزويج الفتيات بصورة عصرية ومحترمة
15 – دعم برامج التعليم الفنى للفتيات وإدماجها فى سوق العمل، وكذلك برامج محو الأمية.
16 – تشكيل لجنة من الأزهر للتصدي للفتاوى المحرضة على العنف ضد المرأة وكل القضايا الفقهية الخاصة بتنظيم حياتها.
حسب الإحصائيات كان الشباب ما بين (20 – 30) عاماً هم الأكثر عدداً فى قوائم الشهداء منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير إلى يومنا هذا، وكان اختفاؤهم من مشهد طوابير الاستفتاء على الدستور لافتاً جداً للأنظار.. وإذا حاولنا تحليل تلك الظاهرة للوصول إلى الأسباب الحقيقة التى تقف وراءها سنكتشف حقائق مرعبة حقاً.
أول تلك الحقائق هو “الإحباط”.. نعم الإحباط من الإدارة السياسية للبلاد، فكل طموحات الشباب الذى ضحوا من أجلها بالكثير من الدماء لم يتحقق منها شىء، فالنداء الرئيسى للثورة المتمثل فى هتافهم “عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية” لم يتحرك قيد أنملة عن كونه هتافاً إلى يومنا هذا، فالاقتصاد فى انهيار، والحريات يُداس عليها يومياً بنعال الداخلية وقوات الجيش، لدرجة أن من كان يفكر فى التصويت بـ”لا” على استفتاء الدستور الأخير يحاكم بتهمة نية التصويت بـ”لا”، وهى فعلاً كارثة لا محالة.
الشباب لم يذهب إلى الاستفتاء للشعور بأن “نعم” أو “لا” لم يقدم أى جديد، وذلك بسبب شعورهم بالإحباط واليأس من الأنظمة المتعاقبة بعد ثورة 25 يناير وإلى الآن، لأنها أنظمة فاشلة وعقيمة التفكير لا تقدم أى جديد، بداية من حكومة الدكتور عصام شرف مروراً بحكومة الجنزورى، ثم حكومة قنديل، وصولاً إلى حكومة الببلاوى.. وفعلاً على رأى صديقى إسلام (يا قلبى لا تحزن).
كل من يتحجج بأن ظهور الشباب كاد يكون منعدماً فى طوابير الاستفتاء بالامتحانات وغيرها فهو مخطئ، فالشباب محبط من ظهور شخصيات الحزب الوطنى على الساحة مرة أخرى، مثل مفيد شهاب وفتحى سرور وعلى الدين هلال وهانى سرور ومحمد عبد اللاه، وآخرها ظهور على المصيلحى بالأمس فى مؤتمر كمل جميلك، بالإضافة إلى ائتلاف “مصر بلدى”، الذى يضم أكثر من 2000 شخصية من الحزب الوطنى، سبب فساد البلاد.. وكأن شعارهم “تسلم الأيادى والحزب الوطنى راجع تانى”.
الشباب غابوا عن قصد، ولم يكن غيابهم مجرد صدفة بسبب الامتحانات والهجرة للعمل أو على الأقل الاغتراب ومشاكله فى التصويت، كما يدافع البعض، السبب الرئيسى تصدير فكرة أن 25 يناير “نكسة” وأن 30 يونيو هى الثورة الحقيقية التى خلصت العباد والبلاد من شبح الإخوان، غير أن الشباب متمرد بطبعه، ويحتاج إلى أن يشعر أنه يحكم بالفعل، أو على الأقل له صوت مسموع عند من يتولون إدارة البلاد، الشباب غاب بسبب وجهة النظر القائلة إنهم فعلوا ما عليهم، وأن الباقى يقع على كاهل النخبة “الكبار” أصحاب “الخبرة”، فهم من يحق لهم الحكم والتصرف فى مصير البلاد وإبعاد الشباب الطائش الذى لا يقدر المسئولية ومصير المصريين، ناهيك عن حقوق الشهداء التى ضاعت بين الأنظمة الفاشلة، سواء الإخوان أو ما سبقهم، أو من جاء بعدهم.
غاب الشباب أيضاً بسبب محاولة النظام القائم إجبارهم على التصويت بـ”نعم”، بالرغم من السلبيات التى رأوها فى الدستور، وعلى رأسها المحاكمات العسكرية، فالثورة قامت فى الأساس بسبب الشعور بالظلم، فكيف يأتى الدستور لينص على المحاكمات العسكرية عياناً بياناً على رؤوس الأشهاد؟
غاب الشباب بسبب سياسات وزارة الداخلية التى لم تتغير، بل زادت بعد الثورتين، ووجدت وقائع التعذيب فى الأقسام كما هى، وعادت القبضة الأمنية أقوى من الأول، وعاد جهاز الأمن الوطنى للعمل من جديد وباعتراف وزير الداخلية، بالإضافة إلى ممارسات القوات المسلحة الأمنية هى الأخرى، فزاد إحباطه وامتنع عن المشاركة.
غاب الشباب بسبب عبث الحكومة والنظام بالمال العام وتسخره للترويج للدستور، بالإضافة إلى استغلا المرافق العامة، واستقطاب المواطنين للتصويت بـ”نعم”، وبسبب الحملات الإعلامية الموجّهة فى مختلف الفضائيات التى بدت وكأنها حددت خيارات الناخبين سلفًا.. غاب الشباب لأنهم قاموا بثورتين، الأولى “25 يناير” سرقها الإخوان، والثانية “30 يونيو” سرقها العسكر والفلول.
غاب الشباب لأنهم لم يقتنعوا بـ”وتر العاطفة”، الذى لحن عليه الجميع، وفى مقدمته السيسى، لكن هذا الوتر عرف طريقه جيداً لدى النساء، فكانت المرأة صاحبة الحضور الأقوى فى الاستفتاء، خاصة بعد نداء السيسى عليهن ورجائه لهن بالذهب للموافقة على الدستور، فلم يكن نداؤه الذهاب للاستفتاء، بل كان الذهاب للتصويت بـ”نعم”، وقد فعلن، ولم يكتفوا بذلك فحسب، بل رقصن وزغردن أيضاً، فقد نجح الإعلام فى توصيل الرسالة.
غاب الشباب لرفضهم تدخل القيادات الإدارية والتنفيذية فى مسار العملية التصويتية، وقيام المحافظين ورؤساء الإدارات المحلية وبعض الوزراء بحث وحشد الناخبين للتصويت بـ”نعم”، والعديد منهم كرّس مرافق الدولة والمال العام لحث الناخبين، مثل استخدام السيارات الحكومية التى طافت الشوارع والميادين تحمل مكبرات الصوت لدعوة الناخبين وحثهم على التصويت للدستور أو لنقل الناخبين إلى مراكز الاقتراع.. غاب الشباب رفضاً لاستغلال رجال الدين، سواء الإسلامى أو المسيحى للمصريين وحثهم على التصويت بـ”نعم”، والحشد عبر المساجد والكنائس.
ومن يقول إن مشهد النساء فى الاستفتاء يؤكد اهتمام وزيادة وعى المرأة المصرية على اختلاف بيئاتها بالشأن العام مخطئ، فالأمر لم يتعدَ الرغبة فى الاستقرار واستجابة لدعوة السيسى و”زن” الإعلام على أسماعهن.
وكذلك من يرجع غياب الشباب وحضور كبار السن والعجائز إلى انتقام “دولة العجائز” من “دولة الشباب”، فهو مخطئ أيضاً، والسبب كما قلت سابقاً هو استجابهم لدعوات الإعلام وبغية الاستقرار، فمعظم المصريين لا يعرفون لغة الانتقام هذه.
غياب الشباب ليس بسبب الإساءات التى وجهت إلى بعض النشطاء السياسيين، لأن الـ”15″ أو الـ”20″ ناشطاً الذين يتبادلون استوديوهات الفضائيات لا يمثلون لكل الشباب، وليسوا معبرين عن الجميع، ولا بسبب الشبهات التى ألصقها بهم الإعلام، سواء بغير قصد أم بسوء نية، لأن معظم الشباب كافر بهم أصلاً.
غاب الشباب يا سادة لأنهم كفروا بالجميع، بالإدارة الفاشلة، وبالإعلام المضلل، وبلطجة الداخلية، واستبداد العسكر، وعودة الفلول.. غاب الشباب لأنهم ينتظرون اللحظة التى سيبدأون فيها من جديد، غاب الشباب لأنهم ينتظرون الثورة الثالثة.. فوقوا يرحمنا ويرحمكم الله.
يكفيك أن تعرف أن «لايك» على «كومنت» بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» كاد أن يقتل «إنسانًا» فى القرن الحادى والعشرين، بإحدى محافظات الصعيد، فما كان من الأب عند مشاهدة ابنته وهى تتصفح «الفيس بوك»، وكانت قد كتبت شيئاً وأعجب صديق لها به فوضع علامة إعجاب، إلا أن ذهب إليه باغياً قتله بسبب الـ«لايك».
هذه قصة حقيقية وليست مزحة أو نكتة لقتل الملل، هذه القصة تكشف لنا بما لا يدع مجالاً للشك مدى «التخلف» الذى ما زال جاثماً على صدر هذه الأمة، ومدى صعوبة المهمة التى تنتظرنا كى نصل إلى تلك العقول ومحاولة إقناعها بتغيير تلك العادات والتقاليد البالية.. خصوصاً إذا أردنا حقًا مساعدة المرأة المصرية فى الحصول على بعض حقوقها.. والقضية جد خطيرة تحتاج تضافر جميع الجهود.. بداية من الفرد نفسه، مروراً بمؤسسات الدولة، وانتهاء بمنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية والإعلام بشتى أنواعه.
تستحوذ البرامج الإعلامية الخاصة بالمرأة على حيز كبير من شاشات الفضائيات، ما بين برامج موضة وجمال وفاشون وتعليم فنون الطبخ والصحة «عقم وإنجاب»، مما جعلها كائنًا استهلاكيًا فقط، والهدف من وراء كل تلك البرامج هو تحقيق الربح والشهرة.. وهناك أيضاً البرامج التى تبرز العنف ضد المرأة وتبلوره فقط فى صورة الضرب المبرح أو العنف الجنسى، ويتم مناقشة الموضوع برمته فى حلقة أو حلقتين، دون محاولة الوصول لحلول للقضية المطروحة، والهدف الأول والأخير من كل تلك المشاهد هو تحقيق الإثارة فقط.
وهناك أيضًا البرامج التى تعطى النصائح الجنسية للمرأة، وكيف تتعامل مثلاً مع زوجها فى الفراش لتتحول بذلك لمجرد بوتقة يفرغ فيها الرجل طاقاته الجنسية، والتعامل مع هذا الأمر فقط على أنه حق من حقوق الرجل، الرجل بالطبع المتبلور فى كينونته وتركيبته صورة «سى السيد»، الذى يجب أن تنصاع أمينة لكل رغباته.. كما أن بعض البرامج التى تحاول علاج بعض المشاكل التى تتعرض لها المرأة، مثل التحرش، تروج للظاهرة أكثر مما تعالجها، وكذلك تنقل مشاهد التحرش «بالصوت والصورة» مما يروج للفكرة ولا يعالجها.
وكذلك معظم الأفلام تستخدم المرأة كمادة للمتعة والجنس والتربح، فهى الراقصة، والسكرتيرة اللعوب، أو الخادمة التى تبيع نفسها، أو فتاة الليل الساقطة، وغيرها وغيرها.. وتتجاهل النماذج النسائية المشرفة التى كان لها باع كبير فى التنمية والسياسة وغيرهما.. والخلاصة فى كل تلك البرامج والأفلام هو تحقيق الربح عن طريق الإثارة أو المشاهد المبكية أو المحركة للغرائز، وبالتالى نسبة إعلانات أكثر، وبدورها تأخذ مساحة أكثر من المشكلة ذاتها.. وفى الإعلانات نرى المرأة هى التى تروج لكل شىء، بداية من السيارات وإطارات الكاتشوك، مرورا بالسلع الاستهلاكية والمنتجات الصناعية والزراعية، انتهاءً بمنتجات الموضة والأزياء وأدوات التجميل، وتناسى الإعلام دور المرأة الفعلى فى التنمية المجتمعة.
دائماً يكثر حديث جمعيات ومنظمات المجتمع المدنى حول تمكين المرأة، خاصة تمكينها سياسيًا، وفى الواقع نجد أن قضية عدم التمكين لا تقتصر على المرأة، فالرجل أيضاً لا يمكن فى كثير من الأحيان، وهذا بسبب ما نعانيه اقتصادياً وما يترتب عليه من إهمال صحى وتعليمى، واجتماعياً بسبب القوانين الاجتماعية، التى يجب ألا يحيد أحد عنها، وهى تلك المتمثلة فى العادات والتقاليد، وكلما ارتقى المستوى الاجتماعى ظهرت النماذج النسائية القيادية الواعية، مثل القاهرة والإسكندرية والمنصورة، وإن كان من المنتظر ظهور نماذج أكثر عداداً وفكراً بتلك الأماكن الممكنة إلى حد كبير.
ولو حاولنا مناقشة تلك القضية الشائكة، فسنجد أن المرأة المصرية أمامها العديد من الهموم والأعباء لابد أن نتخلص منها أولاً، ثم مجموعة أخرى من التحديات لو أرادت أن تكون لاعبًا سياسيًا بحق.. تلك الهموم والأعباء تتمثل فى التمكين الاقتصادى، الذى يقف على رأس القائمة، ثم التمكين العلمى، وهذا يتأثر بسابقه الاقتصادى، ثم التمكين الاجتماعى، وهذه قضية شائكة للغاية، بسبب العادات والتقاليد المجتمعية الرجعية التى ترى أن المرأة أرض للإنجاب فقط، وما إن تمكنت المرأة اقتصادياً واجتماعياً وصحياً وبيئيا ًوتعليمياً وفتح أمامها المجال للإبداع من المجتمع الذكورى إلى حد بعيد، وهذا كله «كوم» والصعيد «كوم تانى»، فبالرغم من أن المرأة هناك «عمود كل بيت» فإنها فى النهاية مهمشة وراء فكرة المجتمع الذكورى، ولا تجرؤ حتى على المطالبة بحقها.
وما إن تخلصت المرأة من كل تلك الهموم فسيكون أمامها مجموعة أخرى من التحديات التى تتمثل فى الرغبة الحقيقية فى العمل السياسى، وإصرارها على النجاح، وتطوير نفسها لمواكبة الآليات والتقدم التكنولوجى السريع.
المجلس القومى للمرأة، والمجلس القومى للأمومة والطفولة، والإعلام القومى، وجمعيات ومنظمات المجتمع المدنى، جميعها جهات لا بد أن تقوم بدور ملموس وحقيقى، وعليها تنحية مبدأ «السبوبة» جانبًا، ويكفيك أن تعرف أن لدينا 33 ألف جمعية أهلية، ومن حقك أن تتساءل: أين مردود هذا الرقم الهائل على أرض الواقع؟
أعرف أن ما ذكر فى هذه السطور ما هو إلا استعراض بسيط للمشكلة، وأنه باستطاعتنا إعداد دراسات كاملة فى كل عنصر منها، وما هى إلا دعوة لجميع الأطراف لتغيير تلك السياسة المتبعة فى معالجة القضية وتناولها، ولا تجدى إلا زيادة المشكلة تأزماً وتعقيداً.. على الجميع العمل حقًا بعيداً عن التربح والشهرة من وراء هموم المصريين.. فلننح «مبدأ السبوبة» ونعمل لصالح الشعب المطحون.
ولابد أن يكون العمل من أرض الواقع، حيث القرى والنجوع والأرياف من أقصى مصر إلى أقصاها.. لا بد أن نعمل جميعاً على تحسين دخل الفقراء ومحدودى الدخل، فلا تمكين للمرأة ولا للرجل إلا بعد التمكين الاقتصادى، والتمكين التعليمى والتمكين الصحى والاجتماعى وإلى آخره.
أين مؤسسات الدولة ودورها التوعوى الحقيقى، بعيداً عن الإعلانات والعمل من أبراج عاجية؟ أين منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية الحقيقية التى تعمل من أجل المواطن لا من أجل الدعم الذى يوزع على مجلس الإدارة؟ أين الإعلام الهادف الحقيقى لا الذى يسعى للتربح على حساب الغلابة؟
المقال على جريدة اليوم السابع